admin Admin
عدد المساهمات : 264 تاريخ الميلاد : 25/05/1992 تاريخ التسجيل : 19/07/2010 العمر : 32 الموقع : www.tanta.hooxs.com
| موضوع: من مقالات قداسة البابا شنودة الثالث السبت أغسطس 28, 2010 10:48 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]من مقالات قداسة البابا شنودة الثالث أنواع نفسيات
ليست كل النفسيات من نوع واحد، سواء فى ذلك الأبرار أو الأشرار. فكل واحد له طبعه الذى يتميز به عن الآخر.. فهناك نفسيات اجتماعية يمكنها أن تندمج مع الآخرين وتتعامل معهم، ونفسيات اخرى تحب الوحدة والهدوء. ونفسيات ثالثة تندمج فى الأمرين معاً: يمكنها أن تعيش فى المجتمع أو تعيش فى الوحدة، حسبما تتيح الظروف لها، وتنجح وتنتج فى الحالين
***
توجد نفسية مستريحة، وتريح غيرها من الناس.
تعيش سعيدة وراضية، ويكون تعاملها مع الناس سهلاً. الخير الذى فيها تفيض به على الآخرين. وما فى طبعها من الكرم والحب تغدقه على غيرها. نفسية خدومة تخدم كل من يقابلها فى طريق الحياة وهى مستعدة أن تبذل وتجزل العطاء، وتتعب لتريح الآخرين.
ومن هذا النوع الممرضين والممرضات، والذين يعملون فى إطفاء الحرائق وإنقاذ الغرقى، والذين يكرسون أنفسهم فى خدمة مرضى الجزام ومرضى السلّ، وفى خدمة المعوقين والعجائز والمسنين، ويجدون سعادتهم فى إسعاد غيرهم...
***
أما النفسية الشريرة: فما فيها من شرّ، تظنه فى غيرها...
فالإنسان الكذاب يظن أن جميع الناس يكذبون مثله! وإن قلت له شيئاً، يسأل "أصحيح هذا الكلام؟ هل أنت متأكد؟ إذن إحلف لى. هل بذمتك حدث هذا فعلاً؟..." ذلك لأن الكذب الذى فى طبعه يسقطه على غيرك، ويشك فى كل ما يصل اليه والشخص الماكر، يظن بالمثل أن غيره يمكر به، وكذلك غير الأمين لا يأتمن أحداً على سرّ، ولا على ماله، ولا على عرضه... وإن كان فى نفسية شخص: الخداع، يفكر أن كل من يقابله يمكن أن يخدعه فيتخوف منهم. وإن كانت الخيانة فى طبعه، يظن أن غيره سيخونه، فيحترس حتى من أصدقائه المقربين. وإن كان فى نفسيته سوء الظن، يسئ الظن فى كل من يتودد اليه
***
وإن كان شخص فى نفسيته عقدة الاضطهاد Persecution Complex يظن أن كل شخص يمكن أن يضايقه أو يتآمر عليه. وبذلك يعيش فى خوف وربما فى انطواء وهذا النوع من الناس ينفث فيمن حوله نفس الخوف والشك.
ويقول لمن يطلب نصيحته: خذ حذرك من الناس. فمن الجائز أن يخدعوك أذ يكذبوا عليك أو يضطهدوك.. وبهذا النصح يربى فيه ما يشبه نفسيته! حتى بعض الوظائف المعينة تجد عند أصحابها نفسية الشك والتحقيق فى كل شئ...
***
والنفسيات تتنوع أحياناً بحسب الوراثة أو البيئة أو التربية.
فالابن مثلاً يمكن أن يرث نوعاً من النفسية, من أبيه أو أمه. إى يرث طبعاً معيناً يظل ثابتاً فى نفسيته, أو يلتقطته من نوع التربية.. وهكذا نرى بعض الشعوب تتميز بطباع خاصة, أو نفسية تسود على الغالبية
أو يتأثر الشخص بالجو العام, حتى فى التقاليد, وفى العقيدة أيضاً. فمثلاً فى البلاد الشيوعية, يتاثر الطفل من صغره بالجو الشيوعى, ويصير شيوعيا. لا تقبل نفسيته الايمان بوجود الله, ولا بحياة أخرى.
وفى تأثير البيئة والجو العام على طباع الناس ونفسياتهم, نجد كثيرا من الناس سافروا إلى الخارج وقضوا هناك فترة طويلة, قد أثر ذلك على طباعهم و تقاليدهم. وحينما يرجعون إلى بلادهم, تكون نفسياتهم قد تغيرت, وصارت لهم طباع لم تكن فيهم من قبل!
***
وأحياناً تتأأثر النفسية بالقدوة والمثل ونوع الصداقة.
وفى ذلك قال أحد من الأدباء "إن قلت لى من هم أصدقاؤك, أقول لك من أنت". ومن المبالغة الشديدة فى هذا التاثر, تقول بعض الأمثال الشعبية "من عاشر قوماً أربعين يوماً, صار منهم"!!
* وتتأثر النفسية أيضاً بنوع القراءة, إن كانت عميقة ومقنعة لهم.
* كما تتأثر النفسية أيضاً بنوع العُقد.
فمثلاً انسان خانه صديقه العزيز عليه جداً, وكانت تلك الخيانة عميقة الأثر فى نفسه. فقد تغرس فى نفسيته عقده من الصعب أن يتخلص منها. وهى أن أى شخص يمكن أن يخونه. فيتخوف من بعض أصدقائه ويحترس من خيانة غيره له.
كذلك من يقع فى عقده الخوف, ومن طباعِ تكونت فيه منذ طفولته, وعقّدته فى بعض الأمور.
***
ومع كل ما ذكرناه, يمكن للنفسية أن تتغير...
بل قد تتغير إلى العكس, إن اثّرت عليها عوامل مضادة على درجة من العمق. كما حدث فى توبة بعض مشاهير التاريخ...
ومثال ذلك القديس اوغسطينوس الذى كان فى بدء حياته بعيداً عن الله والايمان, وبعيدأ عن حياة العفة والطهارة. وقد كتب تفاصيل خطاياه فى كتاب اعترافاته...
ولكنه لما تاب.. وكانت توبته صادقه وعميقة, تغير إلى العكس تماماً, وصار راهباً ثم أسقفاً. وقاد حياة الفضيلة و التأمل فى جيله, بل ترك تأثيره الروحى فى أجيال طويلة من بعده...
***
ومن الناحية الطبية, يمكن للنفسية أن تتعب وتمرض..
بل تدخل أيضاً فى صراع مع الذات, وتنقسم على ذاتها.. وقد يصيبها القلق و الاضطراب وربما لغير سبب مقنع...
نعم, هناك نفسيات قلقة باستمرار و خائفة ومنزعجة. الشك يصيبها بالقلق. مثل أم تأخر ابنها إلى ساعة متأخرة بالليل. وتظل تلعب بها الأفكار: ربما حدث له حادث مؤسف, أو ربما خطفه بعض الأشرار.
ويظل زوجها فى البيت يبتسم فى وجهها ويلاطفها. ربما أبننا تأخر فى المذاكرة مع أصدقائه, أو قد يكون فى لهو معهم أو فى النادى. وهى تستمر فى قلقها, وتقول لزوجها: ربما تعب أبننا من معاملتنا, وفّضل البعد عن البيت. وهكذا تظل فى القلق حتى يرجع ابنها بسلامة, دون أن يضره شئ.
***
وهناك نفسية تتعب فتضر ذاتها:
كإنسان فى نفسيته بعض التردد والخوف, فلا يقدر على اتخاذ قرار سريع أو بطئ. فهو دائما يتقلب فى ما ينبغى أن يفعله أو يتجه إليه: كمن يتردد فى نوع الدراسة التى يدرسها, أو فى نوع العمل أو الوظيفة التى تحكم مستقبله. أو يتردد فى موضوع الزواج وأية فتاة يختار؟ وهل سيسعد فى اختياره أم لا.
وتردده هذا, يصل به إلى نوع آخر من المرض النفسى, هو عدم الثقة بالنفس. فلا يثق بأى شئ يصل إليه تفكيره: هل هو صواب أم خطأ. ويضطر أن يقابل غيره, ويعرض عليه الأمر. وما يصل إليه من مشورة, ربما لا يثق هل يستطيع أن ينفذه أم لا ؟
إنها نفسية تحتاج إلى من يسندها باستمرار, ومن تثق فى حكمته وصحة رأيه.
| |
|