فاطلب اليكم ايها الاخوة برأفة
الله ان تقدموا اجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند الله عبادتكم العقلية ,
ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي
ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة " رومية 2-1 : 12.
بعدما استعرض بولس الرسول نعمة
الله ( في مشهد خرابنا ) في موضوع الغفران والتبرير والتحرير ( في رسالة
رومية من الاصحاح الاول حتى الحادي عشر ) وما عملته نعمة الله معنا , تأت
النتيجة الرائعة وهي ان ينحصر القلب او النفس التي استفادت من هذه النعمة
في شخص الرب وبالتالي يهون على النفس ان تسلم التسليم الكامل لارادة الله
لتكون ذبيحة استمرارية لمجده ( المؤمن يهدف لهدف واحد في حياته وهو ما يعود
لمجد الرب وكل مشروع في الطريق صغيرا كان ام كبيرا على المؤمن ان لا يفكر
باتمامه بالاستقلال عن ارادة الله ومجده وذلك
حتى في الزواج , الصداقة, التعليم , مشروع عمل , عبادة مع اخرين والخ ) ,
وتلقائيا يتوقع منا الرب ان نكون مشابهين له واكثر التصاقا به وبذات الوقت
منفصلين عن كل ما هو مخالف لارادته وهذا بان لا نشاكل هذا الدهر ( مملكة
هذا العالم ) بل نتغير داخليا وخارجيا , فاهمين بل اكثر مختبرين ارادته
الصالحة المرضية الكاملة الواضحة على صفحات الكتاب المقدس .
كاولا د الله علينا ان نتكيف في
الدائرة الجديدة والمناخ الجديد وعدم الرجوع الى الدائرة الاولى باي
ارتباط وذلك كما ذكر بولس في 2 كورونثوس 6 : 14-18
" لا تكونوا تحت نير مع غير
المؤمنين . لانه اي خلطة للبر والاثم . واي شركة للنور مع الظلمة .
واي اتفاق للمسيح مع بليعال . واي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن .
واية موافقة لهيكل الله مع الاوثان . فانكم انتم هيكل الله الحي
كما قال الله اني ساسكن فيهم واسير بينهم واكون لهم الها وهم
يكونون لي شعبا . لذلك اخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب ولا
تمسوا نجسا
فاقبلكم واكون لكم ابا وانتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب
القادر على كل شيء ".
بنعمة الرب سنبحث في انواع
مختلفة للعلاقات مع الاخرين بحسب كلمة الله لكيما نبني علاقاتنا
ومشاريعنا في ضوء كلمة الرب لئلا نعثر في الطريق ولئلا تعاق شركتنا مع
الرب الحنون الذي احبنا واشواقه الينا .
1. الزواج :
لنا مثال رائع نتعلم منه الكثير عن موضوع الزواج وهو اختيار زوجة لاسحق وذلك كما جاء في تكوين 24 .
سنذكر باختصار 9 نقاط توضح لنا فكر الرب وما يعلنه لنا في كلمته عن موضوع الزواج :
1. طلب ابراهيم زوجة لاسحق ما هو
الا جزء من مخطط الله ووعده بالنسل (24 : 7 ): ابراهيم آمن بوعد الرب له
بانه سيعطي الارض لنسله ولذلك تاكد ان الذي وعد اعد الزوجة لاسحق لكي يقيم
النسل.
2. الله في صلاحه اعد لكل واحد
من اولاده شريك حياة ( تكوين 22 : 23 ): لقد ذكرت رفقة في اصحاح 22 مما
يؤكد ان الله اعدها لاسحق وذلك حتى قبل ان يفكر ابراهيم بارسال عبده كبير
بيته. الله بمحبته الرائعة لاولاده اعد شريك الحياة المناسب كما يراه هو (
والله دائما يرى الافضل لاولاده ) وذلك كما جاء في الاعداد 14 , 44 من
اصحاح 24 اذ يقول بكل وضوح "هي التي عينتها " ( مشيئة الله الخاصة لكل مؤمن
ومؤمن ) .
3. نرى في ابراهيم الثقة الكاملة والتسليم لكبير
بيته المستولي على كل ما كان له , فالعبد يرمز الى الروح
القدس مما يحتم علينا التسليم للروح القدس ولقيادته ( 24 : 2 ) :
كاولاد الله علينا دائما ان نخضع لقيادة الروح القدس في حياتنا فالرب يسوع
عند صعوده الى السماء ارسل لنا الروح القدس ليقودنا ويرشدنا لكي نعمل ارادة
الله في حياتنا.
4. هنالك دوائر ممنوع الدخول اليها ( 24 : 3 )
, ممنوع ان نصلي في مجالات معروفة مسبقا انها ليست حسب فكر الرب : كلمة
الرب ترشدنا وتحذرنا كثيرا من اشياء علينا تجنبها وعدم الدخول اليها , ففي
هذه الاشياء لا نطلب مشيئة الله لانها معلنة مسبقا انها ليست بحسب فكر
الرب.
5. الاختيار من دائرة الايمان
فقط ( 24 : 4 ): كما وجه ابراهيم كبير بيته ان يذهب الى ارضه وعشيرته هكذا
على المؤمن ان يختار فقط من عائلة الايمان ( هذا الامر من ضمن مشيئة الله
العمومية لكل مؤمن ومؤمنة ) من العائلة التي ينتسب اليها الطرفان لانه فقط
في هذه العائلة يجد من توافقه في الفكر وفقط في هذه العائلة يجد من لها ذات
طبيعته , الطبيعة الجديدة.
6. المكان والزمان معد من الرب (
24 : 11 ) , البئر وعند المساء : عند اختيار شريك الحياة علينا ان نكون
مشبعين بكلمة الله ( الماء ) وفي شركة معه وبعيدين عن كل ما يضعف شركتنا
مع الله , ومنتظرين الوقت المرتب منه.
7. الصلاة
لاكتشاف شريك الحياة كما فعل العبد ( 24 : 12 ) : هنالك علامات روحية يجب
ان تكون واضحة فمثلا على الزوجة ان تكون معينة لزوجها في خطة الله لحياته
ونشيطة في خدمته وعلى الرجل ان يكون شخصا ناضجا ومهيئا روحيا وماديا (
امثال 24 : 27 ).
8. التاكد من فهمنا لفكر الرب (
24 : 21 ) : انه لامر مهم جدا اذ كثيرا ما ننخدع بمشاعرنا وبارادتنا
معتقدين انها ارادة الله , فعلينا ان نتاكد من فكر الرب لنا وذلك ما فعله
العبد اذ بعد ان تممت ( الاعداد 17 – 20 ) رفقة المقاييس التي وضعها العبد (
عدد 14 ) نراه في عدد 21 يتاكد ان كان هذا فكر الله .
9. حين نتأكد من ان الاختيار
هو بحسب فكر فحتى العائلة ستوافق ( 24 : 50 ) فمن الضروري ان يريح الرب
العائلتين وتظهر مصادقتهم وموافقتهم. ما اصعب حياة زوجين واحد يريد ان يخدم
المسيح والاخر يخدم الشيطان , فان الامر يشبه حالة بها نربط خروف مع
خنزير , فالخروف يريد المراعي الخضراء والخنزير يريد الاشياء القذرة
والنتيجة طبعا ان كليهما يموت الا اذا جّر الخنزير الخروف الى الاقذار
فيموت الخروف جوعا. هكذا في العائلة لا يمكن ان يكون اتفاق بين الزوجين اذ
ان كل واحد له اتجاه يختلف عن الاخر مما يسبب المشاكل
الكثيرة وخاصة على تربية الاطفال فواحد يريد ان يربي اولاده بحسب فكر
الربّ , بحسب تاديب الرب وانذاره والاخر يريد ان يربي اولاده بحسب الامور
العالمية وهكذا نسبب المشاكل لاولادنا ولنفوسنا .انه امر خطير علينا ان
ننتبه له وحتى لا نسأل الرب اذا كانت ارادته ان نتزوج من غير المؤمنين لان
جوابه المعلن في كلمته واضح وينهي علينا مثل هذا الفعل. علينا ان لا نقنع
انفسنا ان غير المؤمن هو مؤمن للزواج به وان ننتبه ان الطرف الاخر لا يمثل
دور المؤمن.
ليت الرب يعيننا في الخضوع لكلمته ولعمل ارادته لحياتنا ويعطي نعمة لكي يكون الاختيار بحسب فكره .
2. الصداقة :
الصداقة هي غاية وهدف لملء دافع الشعور بالوحدة , الاحتياج الى رفيق ومعين فالصديق هو الغاية لملء فراغ واحتياج نفسي وروحي .
الصداقة
هي احتياج ضروري يبدأ في سن الشباب لانه تصبح للشاب ارادة لتكوين علاقات
وثيقة مع اشخاص يختارهم هو. لكي تتم الصداقة لا بد من ملاءمة العواطف
والافكار والاهداف بين الصديقين . فالصداقة لا يمكن ان تبنى الا بعد فترة
تعارف وتقارب وبعد ملاءمة الواحد للآخر , ولا بد من تقديم التنازلات من احد
الطرفين عن اشياء معينة وربما اساسية لكيما يكتمل التلاؤم والتناغم بين
الطرفين , وكثيرا ما يكون
التنازل مكلفا لاحد الطرفين.
لكي يحتل الصديق مكانا في قلبك وفي فكرك
وفي طريقك لا بد ان تفرغ له مكانا , وتنحي جانبا اخرين لكيما تعد المكان
للصديق الجديد. وربما يكون الاشخاص الذين تنحيهم جانبا مهمين كابيك او امك
او اخيك او ربما تتنازل عن مبادىء او افكار وعقائد او قيم وذلك ليتسنى
اعداد مكان للصديق الجديد.
اهمية الصداقة ومدى تاثيرها :
1. الشاب يتأثر كثيرا بافكار وميول وسلوك اصدقائه اكثر من تأثره من اهل بيته.
2. الشاب عادة يقلد اصدقاءه , سواء فعل ذلك وعيا ام لا , اي سواء شعر بذلك ام لم يشعر.
3. عادة هنالك امور يسهل على
الشاب مشاركة صديقه عن مشاركة اهله. الصداقة لها التاثير الكبير على تكوين
شخصيتك والعشرة تترك اثرا ليس بالسهل محوه فيما بعد , تاثير على خلقك
الداخلي وشخصيتك الخارجية كما وضح الحكيم " لا تستصحب غضوبا ومع رجل ساخط
لا تجيء لئلا تألف طرقه ( اي تتعلم اساليبه ) وتاخذ شركا الى نفسك "
امثال 22 : 24-25 . هناك مثلا معروف يقول " قل لي من تعاشر اقل لك من انت "
وهذا ما سبق واكده الحكيم " المساير الحكماء يصير حكيما ورفيق الجهال يضر "
امثال 13 : 20 , و " ان المعاشرات الردية تفسد الاخلاق الجيدة " 1
كورنثوس 15 : 33 ومما يؤكد اهمية الصداقة وتاثيرها ايجابيا او سلبيا .
قال النبي عاموس " هل يسير اثنان معا ان لم يتواعدا " عاموس 3:3 , بما
معناه لا يمكن لاثنين ان يسيرا معا في طريق واحد الا اذا تواعدا , اي اتفقا
على مسلك واحد وهدف واحد فكيف يسير المؤمن مع غير المؤمن كاصدقاء في طريق
واحد. بكل تاكيد على حساب تنازلات من الواحد للاخر وغير المؤمن لا يوجد
عنده ما يتنازل عنه وبذات الوقت غير المؤمن لا يحتمل الامور الروحية التي
عند المؤمن . فالمطلوب للمشي معا ان المؤمن يقدم التنازلات عن الامور
الشريفة ليصطحب هذا الصديق وهل هذا يليق ؟ هل تقبل
ايها المؤمن وترضى ان تدفع هذا الثمن لكيما تحتفظ بهذا الصديق ؟ الا تذكر
ما قاله الحكيم " المكثر الاصحاب يخرب نفسه ولكن يوجد محب الزق من الاخ "
امثال 18 : 24 .
ان كنت تحتاج الى رفيق او صديق
تحكي له وتبوح له بكل اسرارك , شخص يهتم ويعلم كل احتياجاتك الروحية
والنفسية والجسدية , صديق يطلب خيرك , فسر نحوه انه في انتظارك فهو المحب
الالزق من الاخ هو ربنا وفادينا يسوع المسيح. ما احلى ان ينطبق علينا القول
الذي قيل عن موسى في خروج 33 : 11 " ويكلم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم
الرب صاحبه " .
من الجهة الاخرى علينا ان نعرف ان الصداقة مع المؤمنين
حلوة ومهمة جدا ولكن لننتبه ان لا يكون تعلقنا بصديقنا اكثر من تعلقنا
بالرب فينطبق علينا القول الذي قيل عن لوط " لوط السائر مع ابرام " تكوين
13
: 5 بدل ان يكون السير مع الله فحين ترك ابرام , اندمج في سدوم الشريرة.
3. الشركة في مشاريع العمل :
ان الشركة هي اطار يجمع باتفاق
اطراف مختلفة تلزمهم على التعاون معا لكيما يقووا هذه الشركة لتكون وسيلة
التي من خلالها يصلون لهدف واحد مشترك , فالشركة تحتم وتلزم الاطراف على
تفكير واحد واسلوب واحد وقرار واحد وهدف واحد فلا بد من تعاقد بين الشركاء
على مبادىء ووسائل وبرنامج ومخطط واحد لانجاح هذه الشركة , ولا بد من تقديم
التنازلات من الواحد للاخر للوصول الى حل وسط يرضي كل الاطراف او كل
الشركاء والحل الوسط هو الذي يجمع الاشياء التي لا تجمع والحل الوسط هو ان
ترضي الكل ( نفسك والاخرين ) لكن ما اوضح الكتاب حين
قال " واي شركة للنور مع الظلمة " ان النور والظلمة لا يمكن ان يلتقيا
معا ولا اتصال للنور مع الظلمة وهذه حقيقة ثابتة من بداية الكتاب المقدس
اذ فصل الله بين النور الظلمة ( تك 1 ) فهذا الانفصال واضح وقد حدده الرب
قديما , لا اتصال ولا اختلاط ولا ارتباط ولا شركة , فابناء النور وابناء
النهار ليست لهم شركة مع ابناء الليل والظلمة.
فكما في الطبيعة هناك
استحالة للشركة او التعاون او التقارب بين النور والظلمة هكذا في الدائرة
الروحية , لا لقاء او شركة او اختلاط بين المؤمن وغير المؤمن في اية
دائرة او اي مجال كان.
عليك ايها المؤمن ان تتذكر انك انت وما لك وكل ممتلكاتك , روحك , ونفسك
وجسدك انت ملك للرب وانت بكل دائرتك تهدف هدفا واحدا , ان تكون لمجد الرب .
وقد اعد الرب لك خطة حكيمة كاملة لتمجده وهذه الخطة تشمل كل دوائر حياتك
وقد اعد لك اعمالا صالحة لكيما تسلك فيها بعد الايمان. ومن ضمن هذه الاعمال
, مشاريع زمنية , مصلحتك ,
مكتبك , بيتك , اولادك ليكون الكل موجها
لمجد الرب . فهل تظن ايها المؤمن ان الله يقبل معك شريكا غير مؤمن لاتمام
هذه الاعمال الصالحة ؟ هل يقبل ان يدخل شريك غير مؤمن في خطته لك او يقبل
شيئا من يدي خاطىء في مشروعك .
عليك ان تعرف عند قيامك في مشروع عمل هل هذه ارادة الله وهل سيتمجد هو من
خلال هذا المشروع ؟ اسأل الرب دائما واعلم ان ارادته افضل من ارادتك
وارادته ومشيئته لا تخالف قانون كلمته " اية شركة للنور مع الظلمة ".
هنالك
حالة استثنائية حيث يكون لشخص شركة مع غير مؤمنين قبل ايمانه , ففي هذه
الحالة يصلي المؤمن لينال الحكمة والمعونة من الرب لكيما يترك شراكة كهذه
وينتبه حتى في ترك شراكة كهذه لكيما يترك شهادة طيبة.
ليت الرب يعيننا جميعا لكي نمجده بكل خطوة نتخذها ولكيما تكون قرارتنا بحسب فكره فقط هادفين دائما عمل ارادته وللرب كل المجد